وأصحابك يا محمد وأتباعك من بعدك. وروي عن الحسن قوله: (تدبر آيات الله اتباعها). قال القرطبي: (وفي هذا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن، ودليل على أن الترتيل أفضل من الهَذّ) -وهو سرعة القراءة-.
وقوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾. إِخبارٌ من الله سبحانه أن سليمان كان نبيًا ورث النبوة وشرف القيام بالأمانة من والده داود عليه السلام، وأنه كان أوابًا كثير الطاعة سريع الإنابة لله فصلوات الله وسلامه عليه إنه كان من خير عباد الله في الأرض ومن خير ملوكه وأعدلهم. قال ابن عباس: (الأواب: المسبح). وقال قتادة: (كان مطيعًا لله كثير الصلاة).
وقوله تعالى: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ﴾ فيه تفاسير:
التفسير الأول: قيل الصافنات هي الخيل التي تقف على ثلاث وطرف الرابعة. فعن مجاهد قال: (وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة، والجياد السراع، وكانت عشرين فرسًا ذات أجنحة). وفي رواية عنه قال: (صُفُون الفرس رَفْعُ إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر).
التفسير الثاني: قيل صفون الفرس قيامها وبَسْطها لقوائمها. فعن قتادة: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ﴾ قال: يعني الخيل، وصُفونها: قيامها وبَسْطها قوائمها).
قال الفراء: (الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل أو غيرها).
التفسير الثالث: الصافنات هي الخيل لها أجنحة. قال ابن زيد: (الصافنات: الخيل وكانت لها أجنحة، وأما الجياد فإنها السِّراع واحدها جواد).
وقيل هي الخيل أخرجها الشيطان لسليمان من مَرْج من مروج البحر -ذكره ابن زيد- وقال: الخيل والبغال والحمير تَصْفِن، والصَّفْنُ أن تقوم على ثلاث، وترفع رجلًا واحدة حتى يكون طرف الحافر على الأرض. وأما الجياد: ففي لغة العرب جاد الرجل بماله فهو جواد وذلك إذا كان كثير العطية غزيرها، وامرأة جَوَادٌ ونسوة جود، وجاد الفرس إذا صار رائعًا، وخيل جياد وأجياد وأجاويد. وقيل: إنها الطوال الأعناق مأخوذ من الجيد وهو العنق، لأن طول الأعناق في الخيل من صفات فَرَاهتها.
وغاية القول أَنَّ خاصة الخيل وأجودها وأروعها كانت لسليمان عليه الصلاة والسلام فَعُرِضَتْ عليه يومًا فلهِيَ عن الصلاة حتى فاتته نسيانًا وانشغالًا بها ﴿فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ﴾ أي حبًا للخير وهو الخيل والمال، كذلك تسميه العرب فتعاقِب بين الراء


الصفحة التالية
Icon