وقوله: ﴿رُدُّوهَا عَلَيَّ﴾. قال السّدي: (أي الخيل). وقال ابن جرير: (ردّوا علي الخيل التي عرضت على فشغلتني عن الصلاة فكروها عليّ).
وقوله: ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾. في معناه قولان:
القول الأول: أي فأقبل يمسحها وذلك بضرب أعناقها وعقرها: من قولهم مسح علاوته إذا ضرب عنقه. قال الحسن: (قال لا والله لا تشغليني عن عبادة ربي آخر ما عليك فكسف عراقيبها وضرب أعناقها). وفي رواية قال: (أمر بها فعُقرت). وقال السدي: (ضرب أعناقها وعراقيبها بالسيوف).
القول الثاني: قيل بل جعل يمسح أعرافها وعراقيبها بيده حبًا لها. فعن ابن عباس قال: (يقول: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبًّا لها). واختاره ابن جرير فقال: (يقول: فجعل يمسح منها السوق، وهي جمع الساق والأعناق. لأن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن إن شاء الله ليعذب حيوانًا بالعرقبة ويهلك مالًا من ماله بغير سبب سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها).
وقد ذكر القاسمي رحمه الله تأويلًا عن الرازي حيث قال: (إن رباط الخيل كان مندوبًا إليه في دينهم. كما أنه كذلك في دين الإسلام. ثم إن سليمان عليه السلام احتاج إلى الغزو. فجلس وأمر بإحضار الخيل وأمر بإجرائها. وذكر أني لا أحبها لأجل الدنيا ونصيب النفس وإنما أحبها لأمر الله وطلب تقوية دينه. وهو المراد من قوله: ﴿عَنْ ذِكْرِ رَبِّي﴾ ثم إنه عليه السلام أمر بإعدائها وتسييرها حتى توارت بالحجاب أي غابت عن بصره. ثم أمر الرائضين بأن يردوا تلك الخيل إليه. فلما عادت إليه طفق يمسح سوقها وأعناقها، والغرض من ذلك المسح أمور:
الأول: تشريفًا لها وإبانة لعزتها، لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدوّ.
الثاني: أنه أراد أن يظهر أنه في ضبط السياسة والملك يتصنع إلى حيث يباشر أكثر الأمور بنفسه.
الثالث: أنه كان أعلم باحوال الخيل وأمراضها وعيوبها. فكان يمتحنها ويمسح سوقها وأعناقها، حتى يعلم هل فيها ما يدل على المرض.
وقال: فهذا التفسير الذي ذكرناه ينطبق عليه لفظ القرآن انطباقًا مطابقًا موافقًا. ولا يلزمنا نسبة شيء من تلك المنكرات والمحذورات. قال: وأنا شديد التعجب من