وقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾.
قال ابن جرير: (إيتاء هؤلاء حقوقهم التي ألزمها الله عباده، خير للذين يريدون الله بإتيانهم ذلك). وقال ابن كثير: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾، أي: النظرَ إليه يومَ القيامة، وهو الغايةُ القصوى).
وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. أي الفائزون في الدنيا والآخرة.
وقوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ فيه تأويلان:
١ - قال مجاهد: (يعطي ماله يبتغي أفضل منه). وقال إبراهيم: (هو الرجل يهدي إلى الرجل الهدية، ليثيبه أفضل منها). وقال طاووس: (هو الرجل يعطي العطية ويهدي الهدية، ليثاب أفضل من ذلك، ليس فيه أجر ولا وزر).
٢ - قال ابن عباس: (الرِّبا رباءانِ، فَرِبًا لا يصحُّ، يعني ربا البيع، وربًا لا بأس به، وهو هَدِيَّةُ الرجل يريد فضلها وإضْعَافَها. ثم تلا هذه الآية ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾). قال النسفي: (يريد وما أعطيتم أكلة الربا من ربا ليربو في أموالهم ﴿فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه. وقيل: هو من الربا الحلال، أي وما تعطونه من الهدية لتأخذوا أكثر منها فلا يربو عند الله لأنكم لم تريدوا بذلك وجه الله).
قلت: وقد تحكم الأعراف المتكلفة أحيانًا حياة الناس في مثل هذا النوع من التواصل، فيهدي الرجل صاحبه أو المرأة صديقتها الهدية طمعًا في استقبال أفضل منها والتباري في ذلك، ليس المقصود من الهدية وجه الله تعالى في تأكيد المحبة في سبيله، فالآية تشمله كما تشمل الربا الذي كان في الجاهلية والذي فيه استغلال المحتاجين.
وقوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾. قال ابن عباس: (هي الصدقة تريدون وجه الله).
وقال قتادة: (هذا الذي يقبله الله ويضعفه لهم عشر أمثالها، وأكثر من ذلك).
والمقصود: أن الثواب المضاعف إنما هو في الزكاة وما كان من الصدقة يبتغى به وجه الله تعالى.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما تَصَدّقَ أحدٌ بِصَدَقَةٍ