مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)}.
في هذه الآيات: يقص تعالى خبر لقمان عليه السلام، آتاه الله العلم والفهم والفقه وكان من الشاكرين. وقد نصح لولده نصيحة بالغة غايتها إقامة الدين. فحذره الشرك وأمره ببر الوالدين، وإقام الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الشدائد واجتناب سبيل المستكبرين، وخفض الصوت فإن رفع الصوت والصياح ليس من صفات المتقين.
فقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾. أي: العلم والفهم والفقه والتعبير.
ولقمان هو عبد صالح أكرمه الله بالحكمة. قال مجاهد: (كان لقمان عبدًا صالحًا، ولم يكن نبيًا). وعن قتادة: (﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾، أي: الفقه في الإسلام، ولم يكن نبيًا، ولم يوح إليه).
قلت: ومن حكم لقمان ما رواه الإمام أحمد بسند حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخبرنا رسول الله - ﷺ -: [أنّ لقمانَ الحكيم كان يقول: إن الله إذا استُودِعَ شيئًا حَفِظَه] (١).
وقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ - فيه أكثر من تأويل:
١ - ﴿أَنِ﴾ بمعنى أي مفسرة. أي: قلنا له اشكر لله. قال النسفي: (﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ مفسرة، والمعنى: أي اشكر لله، لأن إيتاء الحكمة في معنى القول).
٢ - ﴿أَنْ﴾ في موضع نصب، والفعل داخل في صلتها. كما حكى سيبويه: كتبت إليه أن قم. قال المهايمي: (﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ أي: على ما أعطاك من نعمه، من أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا).