الخلائقِ على إصْبَع، فيقول: أنا الملِكُ، فضحك النبي - ﷺ - حتى بَدَتْ نواجِذُهُ تصديقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثم قرأ رسول الله - ﷺ -: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]] (١).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾.
أي: إن الله سميع لأقوال المشركين الذين يقولون لا بعث، بصير بأفعالهم وجرائمهم، كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة، كما هي قدرته على خلقهم وبعثهم كنفس واحدة.
٢٩ - ٣٢. قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢)﴾.
في هذه الآيات: إخبار الله تعالى عن عجائب قدرته في تعاقب الليل والنهار وزيادة أحدهما أو نقصانه، وحركة الشمس ومنازل القمر، والفلك التي تجري بأمره في البحر، وغير ذلك من الآيات وهو العلي الكبير. وتصويره تعالى حالة القوم إذا غشيهم موج البحر ورأوا الهلاك كيف يخلصون له الدين، فإذا نجاهم إلى البر عاد أكثرهم مشركين.
فقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾.
قال قتادة: (﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ﴾ نقصان الليل في زيادة النهار ﴿وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ نقصان النهار في زيادة الليل).
فالنهار في الصيف طويل وفي الشتاء قصير، والليل في الصيف قصير وفي الشتاء طويل، فإنه تعالى يأخذ من ساعات هذا فيضمها إلى ساعات هذا صيفًا وشتاء.

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨١١) - كتاب التفسير، وانظر كذلك (٧٤١٤)، (٧٤١٥).


الصفحة التالية
Icon