وزينتها الفانية، فتصرفكم عن الاستعداد ليوم الرحيل والمعاد.
وقوله: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾. قال مجاهد: (الشيطان). وكذلك روي عن ابن عباس وقتادة: (ذاكم الشيطان). فهو يَغُرُّ ابنَ آدم ويعده ويمنِّيه بالأكاذيب حتى يصرفه عن طاعة الله بخيالاته وأوهامه. كما قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء: ١٢٠]. قال سعيد بن جبير: (الغرور: أن تعمل بالمعصية وتتمنى المغفرة).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾.
قال قتادة: (أشياء من الغيب، استأثر الله بهن، فلم يطلع عليهن ملكًا مقرّبًا، ولا نبيًا مرسلًا ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة، في أي سنة، أو في أي شهر، أو ليل، أو نهار ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ فلا يعدم أحد متى ينزل الغيث، ليلًا أو نهارًا ينزل؟ ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ فلا يعلم أحد ما في الأرحام، أذكر أو أنثى، أحمر أو أسود، أو ما هو (١)؟ ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ خير أم شرّ ولا تدري يا ابن آدم منى تموت، لعلك الميت غدًا، لعلك المصاب غدًا؟ ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض في بحر أو برّ أو سهل أو جبل، تعالى وتبارك).
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق ذلك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه -في كتاب التفسير- عند هذه الآية، عن أبي زُرْعَةَ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: [أنَّ رسول الله - ﷺ - كانَ يَوْمًا بارزًا للناس، إذْ أتاهُ رجلٌ يمشي فقال: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال: الإيمانُ: أن تُؤمِنَ بالله وملائكته وَرُسُلِه، ولِقائه، وتؤمِنَ بالبعث الآخر. قال: يا رسول الله، ما الإسلامُ؟ قال: الإسلام أن تَعْبُدَ الله ولا تُشْرِكَ به شيئًا، وتقيمَ الصلاة، وتؤتي الزكاةَ المفروضة، وتصومَ رمضان. قال: يا رسول الله ما الإحسان؟ قال: الإحسانُ: أن تَعْبُدَ الله كأنك تراه فإنْ لم تكنْ تراه فإنه يراك. قال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال:

(١) قد رأى الناس اليوم بعض أخبار الجنين في أشهره الأولى من خلال أجهزة التصوير الحديثة فأشكل على بعضهم فهم هذه الآية. فيقال إن الله تعالى يعلم الذكر من الأنثى في المراحل التي يعجزون عن معرفتها في الأرحام بجميع أجهزتهم.


الصفحة التالية
Icon