وقوله: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا﴾. قال السدي: (استوى إلى السماء وهي دخانٌ مِنْ تنفس الماء حين تنفّس، فجعلها سماء واحدة، ففتقها، فجعلها سبع سماوات في يومين في الخميس والجمعة. وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات والأرض. ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ قال: خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد، وما لا يُعلم. ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ قال: ثم زيَّنَ السماء بالكواكب، فجعلها زينة ﴿وَحِفْظًا﴾ من الشياطين). أي من الشياطين أن تسترق أخبارها.
وعن قتادة: (﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ قال: خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وأفلاكها، وخلق في كل سماء خَلْقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البَرَد والثلوج).
وفي المسند وجامع الترمذي بسند حسن عن أبي ذر رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وَحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها موضِعُ أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته للَّه تعالى ساجدًا] (١).
وفي مسند الإمام أحمد كذلك بسند صحيح عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [البيت المعمور في السماء السابعة، يدخله كل يوم سبعون ألفَ ملك، ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة] (٢).
وفوق هذه المخلوقات كلها ما هو أعظم منها وأكبر، وهو العرش، وتحته كرسي الرحمان عز وجل، وقد وصفه اللَّه سبحانه في كتابه فقال في سورة البقرة: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾. قال ابن عباس: (لو أن السماوات السبع والأرضين السبع، بُسِطْنَ ثم وُصِلن بعضهن إلى بعض، ما كنّ فيه سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة).
وبنحو معناه جاء الخبر الصحيح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يرويه محمد بن أبي شيبة
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ١٥٣)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٤٧٧).