الشِّعاب يعبدُ اللَّه ربَّه، ويدعُ الناس من شرِّه] (١).
الحديث الرابع: أخرج ابن ماجة بإسناد حسن عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، -وكذلك أحمد والترمذي بألفاظ متقاربة- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم] (٢). وفي رواية: (أعظم أجرًا) بدل "خير". وفي لفظ آخر: [المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضلُ من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبرُ على أذاهم].
قال ابن جرير: (﴿وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾: وقال إنني ممن خضع للَّه بالطاعة، وذلّ له بالعبودة، وخشع له بالإيمان بوحدانيته).
وقوله: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ﴾. أي التوحيد والشرك، والبر والإثم.
قال ابن عباس: (الحسنة لا إله إلا اللَّه، والسيئة الشرك). وقيل: الحسنة الطاعة، والسيئة: الشرك. وقيل: الحسنة المداراة، والسيئة الغلظة. وقيل: الحسنة العفو، والسيئة الانتصار. وقال الضحاك: (الحسنة العلم، والسيئة الفحش).
وقوله: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. قال ابن عباس: (أي ادفع بحلمك جهل من يجهل عليك). وقال: (أمر اللَّه المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم اللَّه من الشيطان، وخضع لهم عدوّهم كأنه ولي حميم).
وعن عطاء: (﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ قال: السلام). قال ابن جرير: (-يقول-: ادفع يا محمد بحلمك جَهْلَ مَنْ جَهِلَ عليك، وبعفوك عمن أساء إليك إساءة المسيء، وبصبرك عليهم مكروه ما تجد منهم ويلقاك من قِبلهم).
وقوله: ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾. قال قتادة: (أي كأنه وليٌّ قريب). والمقصود: فإذا فعلت ذلك تحول عدوك المشاق مثل الولي الحميم مصافاة لك. قال القاسمي: (﴿كَأَنَّهُ وَلِيٌّ﴾ أي صديق أو قريب ﴿حَمِيمٌ﴾ أي شديد الولاء.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (٢/ ٤٩٣)، والترمذي (٣/ ٣١٩)، وأخرجه أحمد (٥/ ٣٦٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٦٢ - ٦٣)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (٩٣٩)، وصحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٦٥٢٧).