وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان. قال مجاهد، والحسنُ، والسُّدي: ودلائلٌ في أنفسهم، قالوا: وقعةُ بدر، وفتحُ مكة، ونحو ذلك من الوقائع التي حَلَّتْ بهم، نصَرَ اللَّه فيها محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحبَه، وخذَلَ فيها الباطِلَ وحِزْبَه.
ويحتملُ أن يكون المرادُ من ذلك ما الإنسان مركَّبٌ منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريح الدالِّ على حكمة الصانع -تبارك وتعالى-. وكذلك ما هو مجبولٌ عليه من الأخلاق المتباينة، من حَسَن وقبيح وبين ذلك، وما هو مُتَصَرِّفٌ فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله، وقوته، وحِيَلِه، وحَذَرِه، أن يجوزها ولا يتعدّاها، كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه "التفكر والاعتبار"، عن شيخِه أبي جعفر القرشي حيث قال وأحسن المقال:
وإذا نَظَرْت تريدُ مُعْتبَرًا | فانْظُر إليكَ فَفِيكَ مُعْتبَرُ |
أنت الذي يُمْسِي ويُصْبح في الـ | دنيا وكُلّ أمورِه عِبَرُ |
أنتَ المصرَّف كان في صِغَرٍ | ثم استَقَلَّ بشخصِكَ الكِبَرُ |
أنتَ الذي تَنْعَاهُ خِلْقَتُهُ | يَنْعاهُ مِنْهُ الشَّعْرُ والبَشَرُ |
أنتَ الذي تُعْطَى وتُسْلَبُ لا | يُنْجيه من أنْ يُسْلَبَ الحذَرُ |
أنت الذي لا شيء منه له | وأحقُّ مِنْهُ بمالِهِ القَدَرُ). |
كما قال جل ثناؤه: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ [النساء: ١٦٦].
وفي صحيح مسلم عن العباس بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ذاق طعم الإيمان من رضي باللَّه ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا] (١).
وفي صحيح مسلم أيضًا عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١/ ٩٣)، وانظر مختصر صحيح مسلم - (٢٠) -.