وقوله: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾. أي: هو الحكم سبحانه في كل شيء.
وفي صحيح سنن أبي داود من حديث هانئ مرفوعًا: [إنّ اللَّه هو الحكم، وإليه الحكم] (١).
وقوله: ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾. قال ابن جرير: (﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ في أموري وإليه فوضت أسبابي وبه وثقت. ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾: وإليه أرجع في أموري وأتوب من ذنوبي).
وقوله: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. قال السدي: (خالق -السماوات والأرض-).
وقوله: ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾. قال مجاهد: (نسْلًا بعد نسل). قال القرطبي: (وإنما قال ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ لأنه خلق حوّاء من ضلع آدم). وقال القاسمي: (﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ أي من جنسكم ﴿أَزْوَاجًا﴾ أي نساء).
وقوله: ﴿وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا﴾. أي أصنافًا مختلفة، من الإبل والبقر والغنم وغيرها، ذكورًا وإناثًا.
وقوله: ﴿يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾. أي يخلقكم فيه -على تلك الصفة من الذكران والإناث- خلقًا بعد خلق، وجيلًا بعد جيل. قال مجاهد: (نسل بعد نسل من الناس والأنعام). وقال السدي: (﴿يَذْرَؤُكُمْ﴾: يخلقكم). وقال ابن عباس: (يجعل لكم فيه معيشة تعيشون بها)، قال النسفي: (﴿يَذْرَؤُكُمْ﴾ يكثركم، يقال: ذرأ اللَّه الخلق بثهم وكثرهم ﴿فِيهِ﴾ في هذا التدبير، وهو أن يجعل الناس والأنعام أزواجًا حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل).
وقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾. قال الواسطيّ: (ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ).
قلت: وأدخل المثل في الكلام توكيدًا للكلام، وكذلك بالكاف، وهما بمعنى واحد. وذهب بعضهم إلى أن الكاف في قوله: ﴿كَمِثْلِهِ﴾ صلة زيدت للتوكيد. فيكون مثله خبر ليس واسمها شيء، وهذا وجه قوي تعرفه العرب.
ثم إن صفات اللَّه عز وجل تثبت على التفصيل وتنفى على وجه الإجمال. فالإثبات المفصل كإثبات السمع والبصر وسائر الصفات، والنفي المجمل كنفي المثلية في قوله