أبلِّغ رسالة ربي، إن لم تنصُروني فلا تُؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة).
أخرج البخاري في صحيحه والترمذي في جامعه عن عبد الملك بن مَيْسَرة قال: [سمعت طاووسًا عن ابن عباس: أنه سُئِل عن قوله تعالى: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ فقال سعيد بن جبير: قُربى آل محمدٍ. فقال ابن عباس: عَجِلْتَ، إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكُنْ بطنٌ من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تَصِلُوا ما بيني وبينكم من القرابة] (١).
ورواه أحمد والطبري عن طاووس قال: سأل رجل ابن عباس المعنى عن قول اللَّه عز وجل: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ فقال سعيد بن جبير: قربى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال ابن عباس: عجلت. إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن بطن من قريش إلا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيهم قرابة، فنزلت: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم. وفي لفظ الطبري: (إلا القرابة التي بيني وبينكم أن تصلوها).
وقوله: ﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا﴾. الاقتراف: العمل. قال ابن زيد: (من يعمل خيرًا نزد له). قال القاسمي: (﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً﴾ أي يكتسب طاعة ﴿نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا﴾ أي بمضاعفته).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾. أي غفورٌ لمن تاب ورجع خائفًا من ربه، شكور للسعي الصادق بمضاعفة الحسنات والثواب. قال ابن زيد: (غفر لهم الذنوب، وشكر لهم نعمًا هو أعطاهم إياها، وجعلها فيهم).
وقوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ﴾. قال السدي: (يطبع). وقال قتادة: (فينسيك القرآن). والمعنى: أم يقول هؤلاء المشركون إن محمدًا افترى كذبًا، ولو افتريت كذبًا كما يزعم هؤلاء الجاهلون لطبع اللَّه على قلبك وسلبك ما كان آتاك من القرآن.
كما قال اللَّه تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٤ - ٤٧]. أي لانتقمنا منه أشد الانتقام، ولما استطاع أحد أن يمنع عنه أو يدفع العقاب.
وقوله: ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾. قال القاسمي: (استئناف مقرر لنفي

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٤٩٧)، والترمذي (٣٢٥١)، والنسائي في "التفسير" (٤٩٤). ورواه ابن جرير في "التفسير" (٣٠٦٦٣).


الصفحة التالية
Icon