في تكذيبهم وتعذيبهم وما مثلناه لهم. أي فليتوقع هؤلاء المستهزئون من العقوبة مثل ما حلّ بسلفهم).
٩ - ١٤. قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)﴾.
هذه الآيات: إقرارُ المشركين للَّه تفرده بالخلق ثم هم به يشركون، وهو الذي مدّ الأرض لهم وسلك لهم فيها السبل لعلهم يهتدون، ونزّل لهم الماء من السماء وخلق الأزواج وجعل لهم من الفلك والأنعام ما يركبون، ليحمدوه تعالى عند ركوبهم ويعظموه وحده وله يشكرون.
فقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين من قومك: من خلق السماوات السبع والأرضين، فأحدثهن وأنشأهنّ؟ ليقولنّ: خلقهنّ العزيز في سلطانه وانتقامه من أعدائه، العليم بهن وما فيهنّ من الأشياء لا يخفى عليه شيء). قال القرطبي: (فأقرّوا له بالخلق والإيجاد، ثم عبدوا معه غيره جهلًا منهم).
وقوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾. قال السدي: (بساطًا). قال ابن كثير: (أي: فِراشًا قرارًا ثابتةً، تسيرون عليها وتقومون وتنامون وتتصرّفون، مع أنها مخلوقةٌ على تيار الماء، لكنه أرساها بالجبال لئلا تميد هكذا ولا هكذا).
وقوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا﴾. قال قتادة: (أي طرقًا). والمعنى: مَهّد لكم الأرض من وُعورتها، وجعل لكم طرقًا يسهل عليكم التحرك فيها بين جبالها وأوديتها.
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾. أي أثناء سيركم في البلاد والأقاليم والأمصار. قال السدي: (يقول: لكي تهتدوا بتلك السبل إلى حيث أردتم من البُلدان والقرى