راجعون، وإليه سيرُنا الأكبر، فنبّه بالسير الأصغر في أطراف الدنيا على السير الأكبر إلى اللَّه الذي هو غاية المنتهى.
وقد حفلت السنة الصحيحة بالأذكار الخاصة بركوب الدابة في السفر، منها:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه، وأبو داود في سننه، عن ابن عمر: [أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كَبَّرَ ثلاثًا، ثم قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾. اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى. اللهم هَوِّنْ علينا سفرنا هذا. اللهم اطْوِ لنا البُعْدَ. اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال. وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون] (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود والترمذي وأحمد وابن حبان ورجاله رجال الصحيح عن علي بن ربيعة، قال: [أشهدت عليًا أتِيَ بدابَّةٍ ليركبها، فلما وضع رِجله في الركاب قال: بسم اللَّه، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد للَّه، ثم قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ ثم قال: الحمد للَّه -ثلاث مرات- ثم قال: اللَّه أكبر -ثلاث مرات- ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل كما فعلت، ثم ضحك، فقلت: يا رسول اللَّه، من أي شيء ضحكت؟ قال: إن ربَّكَ يَعجبُ من عبدِه إذا قال: اغفر لي ذُنوبي، يعلم أنه لا يغفرُ الذنوب غيري] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أحمد والطبراني بسند صحيح عن أبي لاسٍ الخُزاعي قال: [حَمَلنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على إبل من إبل الصدقة إلى الحجِّ، فقلنا: يا رسولَ اللَّه، ما نرى أن تحملنا هذه! فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما من بعير إلا في ذُرْوَتِه شيطانٌ، فاذكروا اسم اللَّه
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢٦٠٢)، والترمذي (٣٤٤٦)، والنسائي في "اليوم والليلة" (٥٠٢) وأحمد (١/ ٩٧)، وابن حبان (٢٦٩٨) ورجاله رجال البخاري ومسلم.