لحال من يعظم فقده. فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض. ﴿وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ أي: مؤخّرين بالعقوبة. بل عوجلوا بها، زيادة سخط عليهم).
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾. أي: من استعباد فرعون وقتله أبناءهم. قال قتادة: (بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾.
﴿مِنْ فِرْعَوْنَ﴾ بدل من العذاب، إنه كان جبارًا من المشركين. قال القرطبي: (وليس هذا عُلُوّ مَدْح بل هو عُلُوٌّ في الإسراف، كقوله: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٤]. وقيل: هذا العلو هو الترفع عن عبادة اللَّه).
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾. قال قتادة: (أي اختيروا على أهل زمانهم ذلك، ولكل زمان عالم). أي: اختار اللَّه بني إسرائيل على عالم ذلك الزمان، فخلّصهم من الغرق وأورثهم الأرض بعد فرعون.
وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ﴾. قال قتادة: (أنجاهم اللَّه من عدوهم، ثم أقطعهم البحر، وظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنّ والسلوى). وقال ابن زيد: (﴿مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ﴾ قال: اختبار يتميز به المؤمن من الكافر). وقال: (ابتلاؤهم بالرخاء والشدة، ثم قرأ: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥]).
والمقصود: اختبرهم اللَّه تعالى بالآيات المعجزات، والخوارق البينات، والحسنات والسيئات، ليميز الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق.
٣٤ - ٣٧. قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧)﴾.
في هذه الآيات: إنكارُ مشركي العرب البعث بعد الموت والحساب، وتحديهم بإحضار الآباء وتعجيل ذلك الثواب أو العقاب، فهل هم أقوى من قوم تُبَّعٍ والأمم السالفة المتجبرة التي دكّها العذاب؟ !