وقوله: ﴿مُتَقَابِلِينَ﴾. أي: على السرر، ينظر بعضهم إلى بعض، ولا يجلس أحد منهم وظهره إلى غيره.
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾. قال مجاهد: (أنكحناهم حورًا. قال: والحور: اللاتي يحار فيهن الطرف باد مُخُّ سوقهن من وراء ثيابهن، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد، وصفاء اللون).
وعن قتادة: (﴿بِحُورٍ عِينٍ﴾: بيضاء عيناء). وفي رواية: (بيض عين). والعين: جمع عيناء، وهي العظيمة العينين من النساء.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٧٤)﴾ [الرحمن: ٧٢ - ٧٤].
٢ - وقال تعالى: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٥٨].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ [الواقعة: ٢٢ - ٢٣].
ومن صحيح السنة المطهرة في آفاق ذلك أحاديث:
الحديث الأول: في الصحيحين وسنن ابن ماجة والترمذي عن أنس، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [لَغَدْوة في سبيل اللَّه أو رَوْحَةٌ خَيْرٌ من الدنيا وما فيها، ولقابُ قوسِ أحدِكم أو موضِعُ يدِه في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولو أنّ امرأة من نِساء أهل الجنة اطّلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأتْ ما بينهما ريحًا، ولَنَصيفُها -أي خمارها- على رأسها خير من الدنيا وما فيها] (١).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند صحيح عن داود بن عامر بن أبيِ وقاص عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [لو أنَّ ما يُقِلُّ ظفُرٌ مما في الجنة بدا لتَزَخْرَفتْ له ما بين خوافق السماوات والأرض، ولو أنَّ رجلًا مِنْ أهل الجنة اطَّلَعَ فبَدا أساوِرُهُ لطَمَسَ ضوءَ الشمس كما تطمسُ الشمسُ ضوء النجوم] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الطبراني وأبو نعيم عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٠٦١)، وتخريج: "مشكاة المصابيح" (٥٦٣٧).