وقوله: ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ﴾. قال ابن عباس: (نترككم). وهو كقوله تعالى في سورة الأعراف: ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ﴾ [الأعراف: ٥١]. قال الترمذي: (معناه: اليوم نتركهم في العذاب).
وقوله: ﴿كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ﴾. أي: كما أهملتم العمل ليومكم هذا وتعاملتم معه بالشك والظن ولزمتم أهواءكم وشهواتكم، فإنا نعاملكم اليوم معاملة الناسي لكم في نار جهنم.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: [قالوا: يا رسول اللَّه! هلْ نرى ربَّنَا يوم القيامة؟ قال: هل تُضَارُّون في رؤية الشَّمس في الظهيرة، ليست في سَحابة؟ قالوا: لا، قال: فهل تُضارّون في رؤية القمر ليلةَ البدر، ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فوالذي نفسي بيده! لا تُضارُّون في رؤية ربكم إلا كما تُضارّون في رؤية أحدهما، قال: فيلقى العَبْدَ فيقولُ: أيْ فُلْ (١)! ألم أُكْرِمْكَ، وَأُسَوِّدْكَ، وَأُزَوِّجْكَ، وَأُسَخِّرْ لك الخيلَ والإبلَ، وأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فيقولُ: بلى، قال: فيقول: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاقِيَّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أَنْسَاك كما نَسيتني] (٢).
وبنحوه رواه الترمذي وقال: (ومعنى قوله: "اليوم أنساك كما نسيتني": اليوم أتركك في العذاب).
وقوله: ﴿وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾. قال ابن جرير: (وما لكم من مستنقذ ينقذكم اليوم من عذاب اللَّه، ولا منتصر لكم ممن يعذبكم فيستنقذ لكم منه).
وقوله: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾. قال ابن كثير: (أي: إنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حُجج اللَّه عليكم سِخرِيًّا، تسخَرون وتستهزئون بها).
وقوله: ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾. أي: وخدعتكم زينة الدنيا وزخارفها فاطمأننتم لها.
وقوله: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾. أي: فاليوم لا يخرجون من النار
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٩٦٨) - كتاب الزهد، وانظر صحيح سنن الترمذي (١٩٧٨).