الوالدين -وجلس وكان متكئًا- ألا وقول الزور، ما زال يكررها حتى قلت: ليته سكت] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري في "الأدب المفرد" وأكثر أصحاب السنن بإسناد صحيح عن عبد اللَّه بن عمرو قال: [جاء رجلٌ إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يبايعُهُ على الهجرة، وترك أبويه يبكيان، فقال: ارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري في "الأدب المفرد" بسند حسن عن أبي مُرَّة، مولى أم هانئ بنت أبي طالب: [أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ "الحقيق" فإذا دخل أرضه صاحَ بأعلى صوته: عليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته يا أمَّتاه! تقول، وعليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته، يقول: رحمك اللَّه كما ربيتني صغيرًا. فتقول: يا بنىّ! وأنتَ، فجزاك اللَّه خيرًا ورضي عنك كما بررتني كبيرًا] (٣).
وقوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾. قال قتادة: (يقول: حملته مشقة، ووضعته مشقة). وقرأ أهل المدينة والبصرة: ﴿كُرْهًا﴾، وأهل الكوفة ﴿كُرْهًا﴾.
وقال الحسن: (حملته في مشقة، ووضعته في مشقة). قال مجاهد: (مشقة عليها). قال ابن كثير: (أي: قاست بسببه في حال حَمْلِهِ مشقةً وتعبًا، من وِحَام وغَثَيَانٍ وثِقَل وكَرْب، إلى غير ذلك مما ينال الحوامِلَ من التعب والمشقة، ﴿وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾، أي: بمشقة أيضًا من الطَّلق وشِدَّته).
وقوله: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾. أي: مدة حمله وفطامه ثلاثون شهرًا. والفِصالُ: الفِطام.
قال ابن عباس: (إذا حملت تسعة أشهر أرضعت إحدى وعشرين شهرًا، وإن حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرًا).
وفي الأثر عن عثمان أنه أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر، فأراد أن يقضي عليها
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (١٣) - باب جزاء الوالدين. وأخرجه أبو داود - كتاب الجهاد - وكذلك النسائي - كتاب البيعة على الجهاد. ورواه ابن ماجة (٢٧٨٢) - كتاب الجهاد. باب الرجل يغزو وله والدان. انظر صحيح ابن ماجة (٢٢٤٢).
(٣) حسن الإسناد. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (١٤). انظر: "صحيح الأدب المفرد" (١١).