قال النسفي: (تهلك من نفوس عاد وأموالهم الجمّ الكثير، فعبّر عن الكثرة بالكلية ﴿بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ رب الريح).
وقوله: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾. أي: هلكوا وبادوا عن آخرهم، ولم يبق يظهو إلا آثار بيوتهم ومعالم ديارهم.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾. أي: مثل هذا العقاب وذلك الخراب والدمار نعاقب القوم المشركين المستكبرين الآثمين.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦ - ٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ [الذاريات: ٤١ - ٤٢].
وفي صحيح السنة المطهرة من آفاق ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: [كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رأى مَخيلةً فِي السماء أقْبَل وأدْبَر، ودخَلَ وخَرَج، وتغيَّرَ وجهه، فإذا أمطرت السماءُ سُرِّيَ عنه فعَرَّفَتْهُ عائشةُ ذلك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما أدري لعلَّه كما قال قوم: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ الآية] (١).
الحديث الثاني: أخرج مسلم وأبو داود والترمذي عن عائشة رضي اللَّه عنها زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها قالت: [كان النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا عَصَفَت الريح قال: اللهم! إني أسألك خَيْرَها، وخَيْرَ ما فيها، وخَيْرَ ما أُرسِلُتْ به، وأعود بك من شَرِّها، وشَرِّ ما فيها، وشَرِّ ما أُرسلت به. قالت: وإذا تَخَيَّلَت السماءُ، تَغَيَّرَ لونُه، وخرَج ودخَلَ، وأقْبَل وأدْبَر، فإذا مَطَرَتْ سُرِّيَ عنه، فَعَرَفت ذلكَ عائشةُ، فسألتْهُ فقال. لعلَّهُ يا عائِشَةُ! كما قال قوم