فقد أخرج الإمام مسلم عن عبد اللَّه بن مسعود قال: [كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذاتَ ليلةٍ، ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا استُطير أو اغتيل. فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قِبَل حراء، فقلنا يا رسول اللَّه! فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم] (١).
وعن عاصم عن زِر: (﴿فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا﴾ قالوا: صَهْ). قال قتادة: (قد علم القوم أنهم لن يعقلوا حتى ينصتوا). وهذا أدبٌ منهم.
وعن ابن عباس: (﴿فَلَمَّا قُضِيَ﴾ يقول: فلما فرغ من الصلاة). أو من القراءة وتلاوة القرآن.
قال ابن جرير: (﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾: انصرفوا منذرين عذاب اللَّه على الكفر به).
وقوله: ﴿قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. أي: قالوا لقومهم: إنا سمعنا قرآنًا أنزل من بعد موسى -عليه السلام- يصدق ما قبله من كتب اللَّه التي أنزلها على رسله.
وقوله: ﴿يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾. أي: يرشد إلى الصواب والسداد في منهاج الإيمان ويدل على ما فيه للَّه رضا.
وقوله: ﴿وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. أي: ويرشد إلى طريق لا اعوجاج فيه وهو طريق الإسلام.
والمقصود: يهدي إلى منهاج الإيمان ويدل على طريق امتثال أعماله وأحكامه.
وقوله: (﴿يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ﴾. قال ابن كثير: (فيه دلالة على أنه تعالى أرسل محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الثقلين الإنس والجن حيثُ دعاهمُ إلى اللَّه تعالى، وقرأ عليهم السورةَ التي فيها خطاب الفريقين، وتكليفهم ووعدُهم ووعيدُهم، وهي سورة الرحمن).
أخرج الترمذي والحاكم بسند حسن عن جابر رضي اللَّه عنه قال: [خرج