وعن مجاهد: (﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ قال: حتى يخرج عيسى بن مريم فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة، وتأمن الشاة من الذئب، ولا تقرض فأرة جِرابًا، وتذهب العداوة بين الأشياء كلها، ذلك ظهور الإسلام على الدين كله).
وعن قتادة: (حتى لا يكون شرك). وهو كقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣]. وكل ما سبق من المعاني يحتمله البيان الإلهي.
وقوله: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾. قال قتادة: (إي واللَّه بجنوده الكثيرة، كلّ خلقه له جند، ولو سلط أضعف خلقه لكان جندًا).
و﴿ذَلِكَ﴾ خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: أي الأمر ذلك فلو شاء تعالى لانتقم منهم بعقوبة عاجلة، وكفاكم ذلك كله.
وقوله: ﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾. أي: ولكنه تعالى شرع فرض الجهاد لقتال الأعداء ليختبر صدقكم وثباتكم في حراسة هذا الدين.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٢].
٢ - وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ [التوبة: ١٦].
٣ - وقال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ١٤ - ١٥].
أخرج الحاكم بسند جيد عن عبادة بن الصامت مرفوعًا: [عليكم بالجهاد في سبيل اللَّه تبارك وتعالى، فإنه باب من أبواب الجنة، يُذْهِبُ اللَّه به الهَمَّ والغَمَّ] (١).
ورواه عبد اللَّه بن أحمد بلفظ: [وجاهدوا في اللَّه القريب والبعيد، في الحضر