وليّ المؤمنين وناصرهم، وأن الكافرين لا ينصرهم أحد من اللَّه.
وفي صحيح البخاري من حديث البراء -في أواخر معركة أحد حين قال أبو سفيان: اعْل هبل- فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: اللَّه أعلى وأجَلُّ. قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزَّى لكم. فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: [قولوا: اللَّهُ مولانا ولا مولى لكم] (١).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾.
بشائر النصر للمؤمنين في الآخرة، بعد تحقيق وعد النصر لهم في الدنيا. فلهم في الدنيا الشوكة والنصر والتمكين، وهم في الآخرة في بساتين التكرمة والنعيم، تجري تحت أشجارها وبيوتها الأنهار.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾. قال القرطبي: (﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ﴾ في الدنيا كأنهم أنعام، ليس لهم همّة إلا بطونهم وفروجهم، ساهون عما في غدِهم. وقيل: المؤمن في الدنيا يتزوّد، والمنافق يتزين، والكافر يتمتّع).
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يأكل المسلم في مِعًى واحد، والكافر يأكُلُ في سَبْعَةِ أمعاءٍ] (٢).
وقوله: ﴿وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾. أي: والنار مقام لهم ومنزل يوم جَزائِهم.
وقوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾. يعني مكة. قال النسفي: (أي: وكم من قرية أشد قوة من قومك الذين أخرجوك أي كانوا سبب خروجك ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ أي فلم يكن لهم من ينصرهم ويدفع العذاب عنهم).
أخرج ابن جرير بسنده إلى ابن عباس: [لما خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال: اللهم أنتِ أحبّ البلاد إلى اللَّه، وأنت أحبّ البلاد إليّ، ولولا المشركون أهْلُك أخرجوني لما خرجت منك] (٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٣٩٦) - كتاب الأطعمة، وابن ماجة (٣٢٥٦) من حديث أبي هريرة، وأخرجه مسلم (٢٠٦٢) من حديث أبي موسى.
(٣) أخرجه الطبري (٣١٣٧٢) عن ابن عباس، وفي إسناده ضعيف هو حسين بن قيس، وفي المتن: "فنزلت الآية". وأما أصل المتن فصحيح دون ذكر سبب النزول.