بالمعنى ولم يُصَرَّح به. قال الرازي: (اللّحن: الخطأ في الإعراب. ولحنَ له: قال له قولًا يفهمه عنه ويخفى على غيره).
وفي صحيح البخاري من حديث أم سلمة رضي اللَّه عنها: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنكم لتختصمون إليّ ولعلَّ بعضكم أَلحَنُ بحجته من بعض] (١). أي أمضى بها في العرض والجواب لقوته على تصريف الكلام.
والمقصود: لقد ظهر للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من العلامات ما يعرف به أهل النفاق، فقد بدا ذلك واضحًا له من أعمالهم وما انفلت على ألسنتهم.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾. قال ابن جرير: (لا يخفى عليه العامل منكم بطاعته والمخالف له، وهو مجازي جميعكم عليها).
وقوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾. أي: ولنختبرنكم بالأوامر والنواهي حتى يتميز المجاهدون والصابرون. قال ابن عباس: (أخبر اللَّه سبحانه المؤمنين أن الدنيا دار بلاء، وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر، وبشّرهم فقال: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ ثم أخبرهم أنه هكذا فعل بأنبيائه وصفوته لتطيب نفوسهم فقال: ﴿مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا﴾ فالبأساء: الفقر، والضراء: السقم، وزلزلوا بالفتن وأذى الناس إياهم).
ومفهوم: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ حتى نميّز، كما قال ابن عباس. وقال علي رضي اللَّه عنه: (حتى نرى). قال القرطبي: (وهذا العلم هو العلم الذي يقع به الجزاء، لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم. فتأويله: حتى نعلم المجاهدين علم شهادة، لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا، فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة).
وقوله: ﴿وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾. قال النسفي: (أسراركم). والمقصود: نختبرها ونظهرها. قال إبراهيم بن الأشعث: (وإن الفُضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهم لا تبلنا فإنك إن بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا وعذبتنا).
٣٢ - ٣٥. قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ