الحديث الثاني: أخرج ابن جرير والحاكم بسند رجاله ثقات عن مجمع بن جارية رضي اللَّه عنه قال: [أقبلنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الحديبية حتى بلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كراع الغميم، فإذا الناس يرسمون نحو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لبعض الناس فحركنا حتى وجدنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند كراع الغميم واقفًا، فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾. فقال بعض الناس: أو فتح هو؟ قال: والذي نفسي بيده إنه لفتح] (١).
الحديث الثالث: أخرج البخاري عن زيد بن أسلم عن أبيه: [أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره وعمرُ بن الخطاب يسير معهُ ليلًا، فسأله عمرُ بن الخطاب عن شيء فلم يُجِبْهُ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم سألَهُ فلمْ يُجِبْهُ، ثم سأله فلم يُجِبْهُ، فقال عمر بن الخطاب: ثَكِلَتْ أمُّ عمر (وفي رواية: ثكلتك أمُّك يا عمر)، نَزَرْتَ -أي: أحرجت وضيّقت- رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثَ مرات كُلُّ ذلك لا يجيبُك. قال عمر: فَحَرَّكْتُ بعيري ثم تقدَّمْتُ أمامَ الناس، وخَشيت أن يُنْزَلَ فيَّ القرآنُ، فما نَشِبْتُ أن سَمِعْتُ صارِخًا يَصْرُخُ بي، فقلت: لقد خشيتُ أن يكونَ نزلَ فيَّ قُرآنٌ، فجئت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَسَلَّمْتُ عليه فقال: لقد أُنزلت عليَّ الليلة سورةٌ لَهِيَ أحَبُّ إليَّ مِمَّا طَلعَتْ عليه الشمسُ، ثم قرأ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾] (٢).
الحديث الرابع: أخرج الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أنس: [أنها نزلت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرجِعَهُ من الحديبية، وأصحابه يخالطون الحزن والكآبة، وقد حيل بينهم وبين مساكنهم، ونحروا الهدي بالحديبية ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ إلى قوله ﴿صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾. قال: لقد أنزلت عَليَّ آيتان هما أحبّ إليّ من الدنيا جميعًا. قال: فلما تلاهما قال رجل: هنيئًا مريئًا يا رسول اللَّه قد بيّن لك ما يفعل بك فما يفعل بنا؟ فأنزل اللَّه عز وجل الآية التي بعدها ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ الآية] (٣).
الحديث الخامس: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن معاوية بن قُرَّة عن
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨٣٣) - كتاب التفسير، و (٤١٧٧) - كتاب المغازي.
(٣) حديث صحيح. انظر مسند أحمد (٣/ ١٢٢)، (٣/ ١٣٤)، (٣/ ١٥٣)، وصحيح البخاري (٤١٧٢)، وصحيح مسلم (١٧٨٦). وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٦٠١).