قلوبهم، وطردهم من رحمته فلا سبيل إلى دخول جنته.
وقوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾. أي: وجعل مصيرهم في الآخرة جحيمًا وسعيرًا، وقد ساءت جهنم مستقرًا ومقيلًا.
وقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾.
قال النسفي: (﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فيدفع كيد من عادى نبيه عليه السلام والمؤمنين بما شاء منها ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا﴾ غالبًا فلا يرد بأسه ﴿حَكِيمًا﴾ فيما دبّر).
٨ - ١٠. قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٩) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١٠)﴾.
في هذه الآيات: إرسالُ اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبشارة للمؤمنين والنذارة للكافرين. وثناؤه تعالى على الصادقين المبايعين ووعدهم على ذلك الأجر العظيم.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾. قال قتادة: (شاهدًا على أمته على أنه قد بلغهم، ومبشرًا بالجنة لمن أطاع اللَّه، ونذيرًا من النار).
وقوله: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. الخطابُ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأمته.
وقوله: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾. فيه تأويلان ممكنان حسب عودة الضمائر:
التأويل الأول: الضمير -الهاء- يعود إلى اللَّه تعالى. فيكون المعنى: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾ أي تؤيدوا دينه وتقروه ﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾ أي: تعظموه. وقيل: (أي تثبتوا له صحة الربوبية وتَنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك) - حكاه القشيري.
التأويل الثاني: الضمير -الهاء- يعود إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قال ابن عباس: ("ويعزّروه" يعني الإجلال، "ويوقّروه" يعني التعظيم)، وهي في قراءة أبي جعفر المدني وأبي عمرو بن العلاء بالياء: (ليؤمنوا، ويعزروه ويوقروه، ويسبحوه). وأما عامة القراء فقراءتهم بالتاء، وهو الأشهر.
وعن الضحاك: (﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ كل هذا تعظيم وإجلال).