قلت: وكل ما سبق ذكره داخل في مفهوم الحمية ﴿حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ التي تمسك بها المشركون واستندوا إليها.
وقوله: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾.
أي: فأنزل اللَّه الصبر والطمأنينة والوقار على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى المؤمنين حين أظهر الكفار حمية الجاهلية.
وقوله: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾. قال ابن عباس: (شهادة أن لا إله إلا اللَّه، فهي كلمة التقوى. يقول: فهي رأس التقوى). وقال عطاء الخراساني: (لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه). وعن مجاهد: (﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ قال الإخلاص). وفي رواية: (كلمة الإخلاص). وقال سعيد بن جبير: (﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ قال: لا إله إلا اللَّه، والجهاد في سبيله). وعن عروة، عن المسور قال: (لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له). وقيل: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
قلت: ويجمع هذه الأقوال (شهادة أن لا إله إلا اللَّه) فإن إقامة هذه الشهادة بلوازمها وشروطها يجمع منهاج التقوى.
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ قال: (لا إله إلا اللَّه)] (١).
وقوله: ﴿وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾. قال قتادة: (وكان المسلمون أحق بها وكانوا أهلها: أي التوحيد وشهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا عبده ورسوله).
وقال أبو السعود: (﴿وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا﴾ أي: متصفين بمزيد استحقاق لها). وقال القاسمي: ﴿وَأَهْلَهَ﴾ أي: المستأهل لها).
وقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾. أي: يعلم حق كل شيء، فيسوقه إلى مستحقه. فهو يعلم المستحق للخير من المستحق للشر.
٢٧ - ٢٨. قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا