وفي الصحيحين والمسند وجامع الترمذي عن أبي موسى رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ["المؤمِنُ للمؤمِنِ كالبُنْيانِ يشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا"، وشبك بين أصابعه] (١).
وقوله: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾.
قال قتادة: (يقول: تراهم ركعًا أحيانًا للَّه في صلاتهم سجدًا أحيانًا ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ﴾ يقول: يلتمسون بركوعهم وسجودهم وشدتهم على الكفار ورحمة بعضهم بعضًا، فضلًا من اللَّه، وذلك رحمته إياهم بأن يتفضّل عليهم فيدخلهم جنته ﴿وَرِضْوَانًا﴾ يقول: وأن يرضى عنهم ربهم).
فوصفهم اللَّه تعالى بكثرة العمل وكثرة الصلاة، التي هي عمود الدين، وخير موضوع. كما أخرج الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [الصلاةُ خيرُ موضوع، فمن استطاع أن يَستكثِرَ فَلْيَسْتكْثِر] (٢).
كما وصفهم باحتساب ثواب الأعمال عند اللَّه، وأملهم بذلك الجنة وما فيها من الملذات والخيرات والرزق الوفير، ورضوان من اللَّه أكبر من كل شيء.
ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنَّ اللَّه يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لَبَّيْكَ ربَّنا وسَعْدَيْكَ والخيرُ في يَدَيْكَ، فيقول: هَلْ رضيتُم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعْطَيتنا ما لمْ تُعْطِ أحدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ فيقول: [لا أُعْطيكم أَفْضَلَ من ذلك؟ فيقولون: يا ربِّ، وأيُّ شَيْءٍ أفضلُ مِنْ ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عليكم رِضواني فلا أسْخَطُ عليكم بعده أبدًا] (٣).
وقوله: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾. فيه أقوال متقاربة متكاملة:
١ - قال ابن عباس: (صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة). وقال عطية: (مواضع السجود من وجوههم يوم القيامة أشد وجوههم بياضًا). وقال مقاتل: (النور يوم القيامة). وقال الحسن: (بياضًا في وجوههم يوم القيامة).
٢ - وقال مجاهد، عن ابن عباس: (أما إنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإسلام.
(٢) حديث حسن. أخرجه الطبراني في الأوسط. انظر تخريج الترغيب (١/ ١٤٥)، وصحيح الجامع الصغير (٣٧٦٤) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧٥١٨) - كتاب التوحيد، باب كلام الرب مع أهل الجنة.