الحديث الأول: أخرج البخاري عن سهل بن سعد رضي اللَّه عنه: [أنَّ أهْلَ قُباءٍ اقتتلوا حتى تَرَامَوْا بالحجارة، فَأُخْبِرَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك فقال: اذهبوا بنا نُصْلِحْ بَيْنَهُم] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [كُلُّ سُلامى من الناس عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يوم تطلُعُ فيه الشمس، يَعْدِلُ بين الناس صدقة] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أحمد والبخاري وأبو داود عن أبي بَكْرَةَ: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خَطَبَ يومًا ومعه على المنبر الحسنُ بن علي، فجعل ينظرُ إليه مرة وإلى الناس أخرى ويقول: [إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللَّه أن يُصْلِحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين] (٣).
وقد أصلح اللَّه تعالى به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة، وحجز به الفتنة أن تستمر لستأصل شوكة المسلمين.
وقوله: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾.
قال ابن عباس: (فإن اللَّه سبحانه أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم اللَّه وينصف بعضهم من بعض، فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب اللَّه حتى ينصف المظلوم من الظالم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ، فحقّ على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم حتى يفيئوا إلى أمر اللَّه، ويقرّوا بحكم اللَّه).
وفي الصحيحين وسنن الترمذي -واللفظ له- عن أنس بن مالك، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [انْصُر أخاكَ ظالمًا أو مظلومًا، قيل: يا رسول اللَّه نصرته مظلومًا! فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: تكفُّهُ عن الظُّلْمِ، فذاك نَصْرك إيّاه] (٤).
وقوله: ﴿فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.
أي: فإن رجعت الفئة الباغية ونزلت عند حكم اللَّه فأصلحوا بينهما بالإنصاف

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٦٩٣) - كتاب الصلح. وانظر كذلك الحديث (٦٨٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٧٠٧) - كتاب الصلح. وانظر كذلك (٢٨٩١)، (٢٩٨٩).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٧٠٤)، وأبو داود (٤٦٦٢)، وأحمد (٥/ ٤٤)، وغيرهم.
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤٤٣)، (٢٤٤٤)، (٦٩٥٢)، وأخرجه مسلم نحوه، وانظر صحيح سنن الترمذي (١٨٣٩) - أبواب الفتن، باب (٥٩).


الصفحة التالية
Icon