وقوله: ﴿رِزْقًا لِلْعِبَاد﴾. قال ابن جرير: (يقول: أنبتنا بهذا الماء الذي أنزلناه من السماء هذه الجنات، والحبّ والنخل قوتًا للعباد، بعضها غذاء، وبعضها فاكهة ومتاعًا).
وقوله: ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾. أي: وأحيينا بهذا الماء المبارك النازل من السماء بلدة قد أجدبت وقحطت، فهي هامدة لا زرع فيها ولا نبت.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾. أي: كذلك كما أحيا اللَّه هذه الأرض الميتة فإنه يخرجكم من قبوركم أحياء بعد موتكم وفنائكم.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [فصلت: ٣٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأحقاف: ٣٣].
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد من حديث عبد اللَّه بن عمرو، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا -أي: أمال صفحة عنقه- وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه -أي: يصلحه ويطينه- فيصعق، ثم لا يبقى أحد إلا صعق، ثم يرسل اللَّه تعالى مطرًا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون] (١).
١٢ - ١٥. قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥)﴾.
في هذه الآيات: تهديدُ اللَّه تعالى كفار قريش أن ينزل بهم ما نزل بأمثالهم من المكذبين، وتقريع لهم في إنكارهم المعاد والبعث للحساب يوم الدين.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٩٤٠)، وأحمد في المسند (٢/ ١٦٦).


الصفحة التالية
Icon