وقال ابن زيد: (يتخرصون يقولون هذا سحر، ويقولون هذا أساطير، فبأي قولهم يؤخذ). والمقصود: إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول متخالف متناقض مضطرب، لا يلتئم ولا يجتمع، يعكس ألوان الهوى من قلوبكم.
وقوله تعالى: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾. أي: يصرف عن الإيمان والقرآن من صرف اللَّه قلبه عن الحق. قال الحسن البصري: (يصرف عن هذا القرآن من كَذَّبَ به). قال ابن جرير: (يصرف عن الإيمان بهذا القرآن من صرف، ويدفع عنه من يُدْفع، فَيُحْرَمُه).
والمقصود: يؤفك عن القرآن أو الرسول أو الإقرار بأمر القيامة من هو في سابق علم اللَّه مأفوك -مصروف- عن الحق، لتعظيمه الهوى والشهوات.
وقوله تعالى: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾. قال ابن عباس: (لُعن المرتابون)، أو قال: (الكهنة). وقال مجاهد: (الذين يتخرصون الكذب -قال-: الذين يقولون: لا نُبْعث ولا يوقنون). وقال قتادة: (أهل الظنون). وقال ابن زيد: (القوم الذين كانوا يتخرصون الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالت طائفة: إنما هو ساحر، والذي جاء به سحر. وقالت طائفة: إنما هو شاعر، والذي جاء به شعر، وقالت طائفة: إنما هو كاهن، والذي جاء به كهانة، وقالت طائفة: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان: ٥] يتخرصون على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وخلاصة المعنى: هلك أهل الغِرَّة والظنون، الذين يتجاوزون دلائل اليقين، إلى الأخذ بالهوى والتخمين.
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾. قال ابن عباس: (في غفلة لاهون). وقال أيضًا: (في ضلالتهم يتمادون). وقال قتادة: (في غمرة وشبهة). والغمرة: ما ستر الشيء وغطاه، و ﴿سَاهُونَ﴾: أي غافلون. فالمعنى: الذين هم في الكفر والشك غارقون، وعن أمر الآخرة لاهون غافلون.
وقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾. قال مجاهد: (يقولون متى يوم الدين، أو يكون يوم الدين). أي: فهم يسألون متى يوم الحساب استهزاء واستبعادًا وشكًا في القيامة.
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾. قال ابن عباس ومجاهد: (يُعَذَّبون كما يفتن الذهب على النار). وقال عكرمة وسفيان الثوري: (يفتنون: يُحرقون).