وجَهه عرفتُ أن وجهَهُ ليس بوجهِ رَجُلٍ كذّاب، فكان أولُ ما سمعته يقول: يا أيها الناس أطعموا الطعامَ، وصِلوا الأرحام، وأفشوا السلام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بِسَلامٍ] (١).
الحديث الرابع: أخرج الترمذي بسند حسن عن علي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنَّ في الجنة لَغُرَفًا يُرى ظُهورُها من بُطونها وبطونُها مِنْ ظهورِها. فقام إليه أعرابي فقال: لِمَنْ هي يا نبيَّ اللَّه؟ قال: هيَ لِمَنْ أطابَ الكلامَ، وأطعَمَ الطعامَ، وأدامَ الصيامَ، وصلّى للَّه بالليل والناس نيام] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. قال مجاهد: (يصلون). وقال الحسن: (مدّوا في الصلاة ونشِطوا حتى كان الاستغفار). قال ابن زيد: (السَّحَرُ هو السدس الأخير من الليل).
قلت: ولا شك أن أفضل أوقات الاستغفار والدعاء هو في السَّحر في الثلث الآخر من الليل، فإن كان الاستغفار والدعاء في سجود صلاة الليل كان أقرب وأفضل.
ففي الصحيحين والمسند ومعظم السنن عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يَنزل ربنا تبارك وتعالى كُلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا حين يَبْقى ثلُثُ الليل الآخِرُ يقول: مَنْ يدعوني فأستجيبَ لهُ؟ مَنْ يَسْألني فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرني فأغفِرَ لَهُ؟ ] (٣). وفي رواية: (حتى يطلعَ الفجر).
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن عمرو بن عبسة، أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [أقربُ ما يكون الربُّ من العبدِ في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أنْ تكونَ مِمّن يذكر اللَّه في تلك الساعةِ فكن] (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾. ثناء عليهم بإقامة أمر الإنفاق والصدقة والزكاة، بعد وصفهم بإقامة الصلاة. ومن أقوال المفسرين في هذه الآية:
(٢) حديث حسن. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٠٥١) - أبواب صفة الجنة - باب ما جاء في صِفة غُرف الجنة. ورواه أحمد وابن حبان من حديث أبي مالك الأشعري، وقد مضى.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١١٤٥) - كتاب التهجد، وكذلك (٦٣٢١)، (٧٤٩٤)، وأخرجه مسلم (٧٥٨)، وأبو داود (١٣١٥)، والنسائي (٤٨٠)، وابن ماجة (١٣٦٦)، وأخرجه أحمد في مسنده (٢/ ٢٦٧)، وابن حبان في صحيحه (٩٢٠).
(٤) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٨٣٣).