وقوله تعالى: ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً﴾. أي مُعَلَّمة. قال ابن عباس: (المسوّمة: الحجارة المختومة، يكون الحجر أبيض فيه نقطة سوداء، أو يكون الحجر أسود فيه نقطة بيضاء). قلت: واللَّه تعالى أعلم بتفصيل ذلك.
وقوله: ﴿عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾. قال ابن كثير: (أي: مُكتَتَبةً عنده بأسمائهم، كل حجر عليه اسم صاحبه). والمقصود: أنها حجارة من طين خُصِّصَت للقوم المتعدين حدود اللَّه الكافرين به، ليرميهم بها تعالى من السماء.
وقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. -وهم لوط وأهل بيته إلا امرأته- قال ابن جرير: (فأخرجنا من كان في قرية سدوم، قرية قوم لوط من أهل الإيمان باللَّه، وهم لوط وابنتاه).
وقوله تعالى: ﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. قال قتادة: (لو كان فيها أكثر من ذلك لأنجاهم اللَّه، ليعلموا أن الإيمان عند اللَّه محفوظ لا ضيعة على أهله).
وقوله تعالى: ﴿وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾. قال القرطبي: (أي عبرة وعلامة لأهل ذلك الزمان ومن بعدهم). وقال ابن كثير: (أي: جعلناها عبرة لما أنزلنا بهم من العذاب والنَّكال وحجارة السِّجِّيل، وجعلنا مَحَلَّتَهُم بُحيرةً منتنةً خبيثةً، ففي ذلك عبرةٌ للمؤمنين، الذين ﴿يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾).
٣٨ - ٤٦. قوله تعالى: ﴿وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٤٦)﴾.
في هذه الآيات: قصةُ إهلاك الطغاة الآثمين، من قوم نوح وعاد وثمود وأمثالهم من المجرمين، وجعل اللَّه تعالى ذلك آية للذين يخافون العذاب الأليم.
فقوله تعالى: ﴿وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. قال قتادة: (بعذر مبين). قال الفراء: (هو معطوف على قوله: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ﴾ ﴿وَفِي مُوسَى﴾).