الأمر كذلك، فلا يعلم الغيب إلا اللَّه الذي وجب على العباد الخضوع لأمره وتعظيمه وحده لا شريك له.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ﴾. أي: بل يريد هؤلاء -يا محمد- الكيد والمكر بك وبدينك، والحال أنهم هم المكيدون الممكور بهم فأحكم ثقتك باللَّه وتوكلك عليه.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. تأكيد الإنكار على المشركين عبادتهم غير اللَّه، ثم تنزيه اللَّه نفسه عن الند والشريك سبحانه وتعالى عما يشركون.
٤٤ - ٤٩. قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)﴾.
في هذه الآيات: كَشْفُ شِدَّة طغيان المشركين، فهم يكذبون بحقائق الأمور واليقين، وسينقلب المكر عليهم من حيث لا يشعرون. وحَثٌّ من اللَّه تعالى لرسوله بالتزام الصبر والاستعانة بالتسبيح وصلاة الليل حتى يأتي نصر اللَّه المبين.
فقوله: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا﴾. قال ابن عباس: (يقول: قطعًا). والكسف: جمع كِسْفة. وقوله: ﴿مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا﴾. أي: عليهم. ﴿يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ﴾. قال النسفي: (يريد أنهم لشدة طغيانهم وعنادهم لو أسقطناه عليهم لقالوا هذا سحاب ﴿مَرْكُومٌ﴾ قد ركم أي جمع بعضه على بعض يمطرنا، ولم يصدقوا أنه كسف ساقط للعذاب).
وقوله تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ﴾. أي: فدع هؤلاء المشركين -يا محمد- حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يهلكون، وهو يوم القيامة.
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾. أي: يوم لا يجدي الكيد والمكر الذي استخدموه في الدنيا لبغيهم وكفرهم وشهواتهم، ولا هم ينصرهم ناصر فيستقيد لهم ممن عذّبهم وعاقبهم.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. توعد لهم بعذاب