وقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾. أي ومن الليل فعظم ربك -يا محمد- بالتلاوة والصلاة والعبادة. كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩].
وفي سنن أبي داود عن عاصم بن حميد قال: [سألت عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قيام الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبْلك، كان إذا قام كبّر عَشْرًا، وحمد اللَّه عشرًا، وسَبَّحَ عشرًا، وهَلَّلَ عَشْرًا، واستغفر عشرًا، وقال: "اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني" ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة] (١).
وقوله: ﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾. الراجح هما الركعتان قبل صلاة الفجر توافقان جنوح النجوم للغيبوبة، أو فريضة الفجر.
قال ابن عباس: (هما السجدتان قبل صلاة الغداة).
وقال ابن زيد: (يعني حين تدبر النجوم للأفول عند إقبال النهار). وعن الضحاك: (﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ قال: صلاة الغداة) -يعني صلاة الصبح المكتوبة- واختاره ابن جرير.
قال الزمخشري: (وقرئ "وأَدْبار" بالفتح، بمعنى في أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت).
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: [لمْ يَكُنِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على شيْءٍ من النَّوافِل أشَدَّ مِنْهُ تعاهُدًا على ركعتي الفَجْر] (٢).
وفي صحيح مسلم عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ركعتا الفجر خَيْرٌ من الدنيا وما فيها] (٣).
وفي رواية عنها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال فى شأن الركعتين عند طلوع الفجر: [لَهُما أحَبُّ إليَّ من الدنيا جميعًا].
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١١٦٩) - كتاب التهجد، ورواه مسلم (٧٢٣) ح (٩٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٧٢٥) ح (٩٦)، (٩٧) - كتاب صلاة المسافرين.