باطنان ونهران ظاهران، فسألت جبريل: فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران النيل والفرات] (١).
خامسًا: رأى النار وأبصر فيها عذاب الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم، وعذاب خطباء القول الذين لا يمتثلونه بالعمل.
فقد أطلع اللَّه نبيّه عليه الصلاة والسلام على صور من العذاب لأعمال تورد النار كالغيبة والنميمة والقذف والزنا والربا، وكذلك أراه صورًا من عذاب من يدّعي الطهارة ويعلمها للناس من خطباء هذه الأمة الذين يعملون على خلاف ما يقولون.
ففي المسند بإسناد صحيح من حديث أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لما عرج بي ربي عز وجل، مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم] (٢).
وروى البيهقي بسند حسن من حديث أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [أتيتُ ليلة أُسري بي على قوم تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قرضت وفَتْ، فقلت يا جبريل: من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرؤون كتاب اللَّه ولا يعملون به] (٣).
سادسًا: رأى عن يمين آدم أهل الجنة، وعن يساره أهل النار.
فقد خرّج البخاري من حديث أنس: [... فلما فُتِحَ علونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد على يمينه أسْوِدة، وعلى يساره أسودة، إذا نظر قِبَلَ يمينه ضحك، وإذا نظر قبل يساره بكى. فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نَسَمُ بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظرَ قِبَل شماله بكى] (٤).
فصدقه المؤمنون بكل ما ذكره لهم وعلى رأسهم الصديق رضي اللَّه عنه، وقد سُمِّيَ
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ٢٢٤)، وأبو داود (٤٨٧٨). وانظر: "الصحيحة" (٥٣٣).
(٣) حديث حسن. رواه البيهقي عن أنس. انظر صحيح الجامع الصغير (١٢٨).
(٤) حديث صحيح. انظر: صحيح البخاري - فتح الباري (١/ ٤٥٨)، (٣/ ٤٩٢)، (٦/ ٣٧٤).