أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحما أُذِن بالشفاعة] الحديث (١).
فالحديث يثبت أن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن اللَّه تعالى بذلك، وهذه الشفاعة لأهل الكبائر دون الشرك، فإن اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
وفي معجم الطبراني بسند حسن عن أبي أمامة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [صنفان من أمتي لن تنالَهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غال مارق] (٢).
٢٧ - ٣٠. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (٢٧) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (٢٨) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٢٩) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (٣٠)﴾.
في هذه الآيات: تقريع على الكفار الذين لا يصدقون بالبعث في الدار الآخرة تسميتهم الملائكة تسمية الإناث بقولهم: هم بنات اللَّه، وأمْرٌ من اللَّه تعالى لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإعراض عن الكافرين، فإن اللَّه هو أعلم بالمهتدين وبمن إصرَّ على الضلال المحبين.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾. إنكار على المشركين تسمية الملائكة كتسمية الأنثى، وزعمهم الفاسد أنها بنات اللَّه كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف: ١٩]. قال النسفي: (﴿تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾ لأنهم إذا قالوا للملائكة بنات اللَّه فقد سمّوا كل واحد منهم بنتًا وهي تسمية الأنثى).
وقوله: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾. أي ومالهم بما يَدَّعُون من مستند
(٢) حديث حسن. رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" - قال الهيثمي في "المجمع" (٥/ ٢٣٥): (ورجال الكبير ثقات). وهو في الأوسط (١/ ١٩٧/ ٢) حسن لغيره. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (٤/ ١)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤٧١).