رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكرُ به السَّاعة؟ فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [أنتم والسَّاعةُ كهاتين] (١).
الحديث الثالث: أخرج الحافظ أبو بكر البزار بسند حسن عن قتادة، عن أنس: [أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خَطَبَ أصحابَه ذات يوم، وقد كادت الشَّمسُ أن تَغْرُبَ فلم يَبْقَ منها إلا شِفٌّ يسير، فقال: "والذي نفسي بيده ما بقيَ من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه"، وما نرى من الشَّمس إلا يسيرًا] (٢). والشف اليسير: الشيء القليل.
وله شاهد عند الإمام أحمد عن ابن عمر قال: [كنا جلوسًا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والشمسُ على قُعَيقعانَ بعد العصر، فقال: ما أعمارُكم في أعمار من مَضى إلا كما بَقِيَ من النَّهار فيما مضى] (٣).
الحديث الرابع: روى مسلم في الصحيح عن خالد بن عُمَيْر العدوي قال: [خطبنا عُتْبَةُ بن غزوانَ، فَحمدَ اللَّه وأثنى عليه ثم قال: أمَّا بَعْدُ، فإن الدنيا قد آذَنَتْ بِصُرْمٍ (٤) ووَلّت حَذَّاءَ (٥)، ولم يثقَ منها إلا صُبَابَةٌ (٦) كَصُبابَةِ الإناء، يَتَصَابُّها صاحِبُها، وإنَّكم مُنْتَقِلون منها إلى دارٍ لا زوال لها، فانْتَقِلُوا بِخَيْرِ ما بِحضرتِكُم، فإنه قد ذُكِرَ لنا أن الحجرَ يُلْقى من شَفَةِ جَهَنَّمَ، فيهوي فيها سبعين عامًا لا يُدْرِكُ لها قَعْرًا، وواللَّه! لتُمْلأَنَّ، أفَعَجِبْتُم؟ ولقد ذُكِرَ لنا أنَ ما بَيْنَ مِصْراعَيْن مِنْ مصاريعِ الجنة مَسيرةُ أربعين سنةً، وليأتِيَنَّ عليها يومٌ وهو كَظِيظٌ من الزِّحَام] (٧).
وقوله: ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾. أي: وانفلق القمر، وذلك أيام كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة قبل الهجرة. فإنه أمام إلحاح المشركين في رؤية معجزة حسية لتصديق النبوة، استجاب اللَّه تعالى لذلك فأراهم آية انشقاق القمر نصفين حتى رأوا جبل حراء بينهما.
(٢) حديث حسن. أخرجه البزار كما في "المجمع" (١٠/ ٣١١)، وذكره الذهبي في "الميزان" (٨٨٥٨) وقال: (قال ابن عدي: رأيت أحمد بن حنبل صحَّحَ هذه الرواية).
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد (٢/ ١١٦)، وإسناده حسن في الشواهد. وقعيقعان: جبل بمكة.
(٤) الصرم: الانقطاع والذهاب.
(٥) حَذّاء: مسرعة الانقطاع.
(٦) صبابة: البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الإناء.
(٧) حديث صحيح. رواه مسلم (٢٩٦٧)، كتاب الزهد، ورواه أحمد في المسند (٤/ ١٧٤).