تعالى: ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر: ٩ - ١٠].
وفي صحيح مسلم من حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: [ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: أيها الناس هلموا إلى ربكم ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ ثم يقال: أخرجوا بعث النار، فيقال: كم؟ فيقال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين، فيومئذ تبعث الولدان شيبًا، ويومئذ يكشف عن ساق] (١).
٩ - ١٧. قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)﴾.
في هذه الآيات: قصة تكذيب الرسل منذ كَذَّبَ قوم نوح نبيهم عليه السلام، فلجأ إلى اللَّه بالدعاء حين استعصوا فجاء الانتقام، وجعل سبحانه قصة إهلاكهم آية تتناقلها الأجيال على مرّ الزمان.
فقوله: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا﴾. تهديد للمشركين من أهل مكة، وتسلية للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقاه من أذاهم وتكذيبهم.
وقوله: ﴿وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾. قال مجاهد: (استطير جنونًا). وقال مجاهد أيضًا: (استعر جنونًا). وقال ابن زيد: (اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكوننّ من المرجومين، وقرأ: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦]). وكلا المعنيين متوجه مناسب للسياق.
وقوله تعالى: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: فدعا نوح ربه: إن قومي قد غلبوني، تمرّدًا وعتوًّا، ولا طاقة لي بهم، فانتصر منهم بعقاب من عندك على كفرهم بك).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٢٩٤٠)، وأخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٦٦) في أثناء حديث طويل.


الصفحة التالية
Icon