فكانت تربية موسى عليه السلام برعاية اللَّه وحفظه. وكذلك قوله تعالى هنا في آية القمر: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾.
وقوله: ﴿جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِر﴾. قال مجاهد: (لمن كان كفر فيه). أو قال: (كفر باللَّه).
والمقصود: إنما غرّقنا قوم نوح ونجينا نوحًا: عقابًا من اللَّه، وثوابًا للذي جُحِد وكُفِر. فكان جزاء لقوم نوح على كفرهم باللَّه، وانتصارًا لنوح -صلى اللَّه عليه وسلم- في صبره وثباته وجهاده.
وقوله: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً﴾. قال القرطبي: (يريد هذه الفعلة عبرةً. وقيل: أراد السفينة تركها آية لمن بعد قوم نوح يعتبرون بها فلا يكذبون الرسل). قال البخاري: (قال قتادة: أبقى اللَّه سفينة نوحٍ حتى أدركها أوائل هذه الأمة).
وقوله: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. أي: فهل من خائف مُتَّعِظ معتبر! قال ابن زيد: (المدّكر: الذي يتذكّر). وأصله مُذْتَكِر مُفْتَعِل من الذكر، فثقلت على الألسنة فقلبت التاء دالًا لتوافق الذال في الجهر وأدغمت الذال فيها.
أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن الأسود، عن ابن مسعود قال: [أقرأني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فهل من مُدّكر". فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، مُدَّكِر أو مُذَّكِر؟ قال: أقرأني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مدَّكِر] (١).
وفي صحيح البخاري عن الأسود بن يزيد، عن عبد اللَّه قال: [قرأت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فهل من مُذَّكر". فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فهل من مُدَّكِر"] (٢).
وكذلك روى البخاري عن الأسود، عن عبد اللَّه قال: [كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ: "فهل من مدّكر"] (٣).
وفي الصحيحين عن أبي إسحاق: أنه سمِعَ رجلًا يسأل الأسودَ: "فهل من مدكر"، أو: "مُذَّكر"؟ قال: [سمعت عبد اللَّه يقرأ: "فهل من مدّكر". وقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرؤها: "فهل من مدّكر" دالًا] (٤).

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (١/ ٣٩٥)، وإسناده على شرط البخاري ومسلم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨٧٤)، كتاب التفسير، سورة اقتربت الساعة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٨٧٠)، كتاب التفسير، وانظر كذلك (٣٣٤١).
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨٧١)، ومسلم (٨٢٣) ح (٢٨٠) (٢٨١)، ورواه أبو داود (٣٩٩٤)، والترمذي (٢٩٣٧)، والنسائي في "التفسير" (٥٧٥).


الصفحة التالية
Icon