الحناجر من شدة المخافة وازدحام الأهوال وما من شفيع للظالمين ولا حميم. إنه تعالى يعلم السر وأخفى، ويقضي بالحق والذين يدعون من دونه ليس لهم من الحكم شيء واللَّه هو السميع البصير.
فقوله: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾. قال مجاهد: (يوم القيامة). وقال ابن زيد: (يوم القيامة، وقرأ: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾ [النجم: ٥٧ - ٥٨]).
قال ابن جرير: (-يقول-: وأنذر يا محمد قومك يوم الآزفة يعني يوم القيامة أن يوافوا اللَّه فيه بأعمالهم الخبيثة فيستحقوا من اللَّه عقابه الأليم).
وفي لغة العرب: أزِفَ الرحيل أي دنا، فسميت الآزفة -أي القيامة- بذلك لأنها قريبة إذ كل ما هو آتٍ قريب.
وقوله: ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾.
قال قتادة: (قد وقعت القلوب في الحناجر من المخافة، فلا هي تخرج ولا تعود إلى أمكنتها).
وقال السدي: (شخصت أفئدتهم عن أمكنتها فنشبت في حلوقهم فلم تخرج من أجوافهم فيموتوا، ولم ترجع إلى أمكنتها فتستقر).
ونصب ﴿كَاظِمِينَ﴾ على الحال، أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه تعالى.
كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨)﴾ [النبأ: ٣٨].
وقوله: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾.
قال السدي: (من يعنيه أمرهم، ولا شفيع لهم). قال النسفي: (﴿مَا لِلظَّالِمِينَ﴾ الكافرين ﴿مِنْ حَمِيمٍ﴾ محب مشفق ﴿وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ أي يشفع).
والحميم في لغة العرب: القريب الذي تهتم لأمره. والمقصود: ما للكافرين باللَّه يوم الآزفة من حميم يحم لهم فيدفع عنهم هول ما نزل بهم من عذاب اللَّه، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم فيطاع ويُجاب لما سأل.
وقوله: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾.
قال مجاهد: (﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾: نظر الأعين إلى ما نهى اللَّه عنه). وقال قتادة: (أي يعلم همزه بعينه وإغماضه فيما لا يحب اللَّه ولا يرضاه).


الصفحة التالية
Icon