مكترث لعاقبته، كما قال تعالى: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾ [الشمس: ١٢ - ١٤].
وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾. أي: فكيف كان عذابي مقابل تكذيبهم وكفرهم! قال ابن جرير: (يقول جل ثناؤه لقريش: فكيف كان عذابي إياهم معشر قريش حين عذبتهم ألم أهلكهم بالرجفة. ونُذُر: يقول: فكيف كان إنذاري من أنذرت من الأمم بعدهم بما فعلت بهم وأحللت بهم من العقوبة).
وقوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾. يريد صيحة جبريل عليه السلام التي كان فيها هلاكهم.
وقوله: ﴿فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ فيه أكثر من تأويل:
١ - قال ابن عباس: (﴿كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ قال: كالعظام المحترقة). وكأن المقصود: تمثيل هؤلاء القوم بعد هلاكهم وبلائهم بالشيء الذي أحرقه محرق في حظيرته.
٢ - قال الضحاك: (المحتظر: الحظيرة تتخذ للغنم فتيبس، فتصير كهشيم المحتظر، قال: هو الشوك الذي تحظر به العرب حول مواشيها من السباع، والهشيم: يابس الشجر الذي فيه شوك ذلك الهشيم).
٣ - قال سفيان: (الهشيم: إذا ضربت الحظيرة بالعصا تهشم ذاك الورق فيسقط. والعرب تسمي كل شيء كان رطبًا فيبس هشيمًا).
قلت: وكلها أقوال مُتقاربة مُتكاملة، يحتملها البيان الإلهي المعجز. قال القاسمي: (﴿فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ أي كالشجر اليابس المتكسّر، الذي يتخذه من يعمل الحظيرة للغنم ونحوها. أو كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء. وقرئَ بفتح الظاء، اسم مكان. أي كهشيم الحظيرة، أو الشجر المتخذ لها. وهو تشبيه لإهلاكهم وإفنائهم، وأنهم بادوا عن آخرهم، لم تبق منهم باقية، وخمدوا وهمدوا، كما يهمد وييبس الزرع والنبات بعد خضرة ورقه، وحسن نباته).
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. أي: ولقد سهلنا القرآن للتلاوة والادّكار والاتعاظ بما فيه من قصص ومواعظ وعبر، فهل من متعظ أو معتبر! ؟