أَلْحَحْتَ على رَبِّكَ، وهو يَثِبُ في الدِّرْع، فخرج وهو يقول: " ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ "] (١).
وفي رواية: [فخرج وهو يقول: " ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ "].
وقوله تعالى: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾. أي: ليس الأمر كما يزعم المشركون أنْ لا بعث لهم بعد مماتهم، بل إن الساعة موعدهم للبعث والعقاب، وستكون الساعة أدهى وأمرّ عليهم أضعافًا مضاعفة من هزيمة بدر.
أخرج البخاري عن يوسف بن ماهَكَ قال: [إنّي عِنْدَ عائشة أُمِّ المؤمنين قالت: لَقَدْ
أُنْزلَ على مُحَمّد -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكّة، وإني لجاريةٌ ألْعَبُ: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾] (٢).
٤٧ - ٥٥. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)﴾.
في هذه الآيات: سوء مصير المجرمين في عذاب الهون في الجحيم، فكل شيء قد قدّره اللَّه منذ الأزل إلى يوم الدين، وأما المؤمنون فهم في روضات الجنات يتنعمون في ألوان الملذات والنعيم.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾. قال قتادة: (في عناء). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إن المجرمين في ذهاب عن الحق، وأخذ على غير هدى ﴿وَسُعُرٍ﴾ يقول: في احتراق من شدة العناء والنصب في الباطل). قال ابن كثير: (يخبرنا تعالى
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٨٧٦)، كتاب التفسير، وانظر كذلك (٤٩٩٣).