وفي صحيح مسلم عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنّ اللَّه كتبَ مقادير الخلائق قبل أن يخلُق السماوات والأرضَ بخمسين ألف سنة] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾. تقرير لنفوذ مشيئته سبحانه في خلقه، فإنه إذا أراد أمرًا كَوَّنَهُ بقولة واحدة: كن فيكون، فإذا هو موجود حاصل قائم كسرعة اللمح بالبصر لا يبطِئُ ولا يتأخر.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ قال ابن زيد: (أشياعكم من أهل الكفر من الأمم الماضية، يقول: فهل من أحد يتذكر). والمقصود: كان في الأمم السالفة أمثالكم وأشباهكم من المكذبين للرسل فدَمَّرناهم، فهل من معتبر بسنن اللَّه في خلقه.
وقوله تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ﴾. قال الضحاك: (الكتب). والمقصود: لقد تمّ جمع كل أقوالهم وأعمالهم وتدوينها في الكتب التي بأيدي الملائكة -عليهم السلام-.
وقوله تعالى: ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾. قال ابن عباس: (يقول: مكتوب). وقال قتادة: (محفوظ مكتوب). قال القرطبي: (أي كل ذنب كبير وصغير مكتوب على عامله قبل أن يفعله ليجازى به، ومكتوب إذا فعله).
وفي التنزيل: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)﴾ [الكهف: ٤٩].
وفي المسند وسنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان عن عائشة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: [يا عائشة! إياك ومُحقِّرات الذنوب فإن لها من اللَّه طالبًا] (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾. قال النسفي: (﴿وَنَهَرٍ﴾ وأنهار، اكتفى باسم الجنس، وقيل: هو السعة والضياء ومنه النهار).
والمقصود: إخبار من اللَّه تعالى عن حال المتقين يوم القيامة أنهم في ظلال
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٧٠)، وابن ماجة في السنن (٤٢٤٣)، وأخرجه الدارمي (٢/ ٣٠٣)، وابن حبان (٥٥٦٨)، وإسناده على شرط البخاري.