وقوله: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾. قال عُبَيد بن عُمَير: (مِنْ شأنه أن يُجيبَ داعيًا، أو يُعطِيَ سائلًا، أو يَفُكَّ عانيًا، أو يَشْفِي سقيمًا). وقال مجاهد: (كُلّ يوم هو يجيب داعيًا، ويكشف كربًا، ويجيب مضطرًّا، ويغفر ذنبًا).
أخرج ابن ماجة بسند حسن عن أبي الدرداء، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، في قوله تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾. قال: [من شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا، ويُفَرِّجَ كَربًا، ويَرْفعَ قَوْمًا، ويَخْفِضَ آخرين] (١).
ورواه ابن أبي عاصم في "السنة" بلفظ: [في شأنه أن يغفر ذنبًا، ويكشف كربًا، ويجيب داعيًا، ويرفع قومًا ويضع آخرين].
وقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. أي: فبأي نعمه تعالى في صرفه إياكم -معشر الثقلين- في مصالحكم ومنافعكم تكذبان؟ !
٣١ - ٣٦. قوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٢) يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٦)﴾.
في هذه الآيات: إثباتُ العجز لجميع الثقلين في مشهد الحشر بين يدي الرحمان، وتحدّي الجبار جميع خلقه يومئذ أن يفلتوا من الحساب أو يهربوا من بين يديه ومن الحساب والقصاص والميزان.
فقوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾. تهديد من اللَّه لعباده ووعيد.
قال ابن عباس: (وَعيدٌ من اللَّه تعالى للعباد، وليسَ باللَّه شُغلٌ وهو فارغٌ).
وعن قتادة: (أنّه تلا: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ قال: دنا من اللَّه فراغ لخلقه).
وقال ابن جريج: (﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ﴾، أي: سنقضي لكم).
قال البخاري في "كتاب التفسير" من صحيحه: (﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ﴾: سَنُحاسبُكمْ،