وقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾.
قال ابن عباس: (الرفرف: فضول المحابس والبسط). وقال قتادة: (﴿رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾: محابس (١) خضر). وقال العلاء بن بدر: (الرَّفرف على السرير، كهيئة المَحابس المتدلِّي). وقال عاصم الجَحْدري: (﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ يعني الوسائد). وقال سعيد بن جبير: (الرَّفرف رياض الجنة). قال النسفي: (﴿عَلَى رَفْرَفٍ﴾ هو كل ثوب عريض وقيل الوسائد).
وأما قوله: ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾. قال ابن عباس: (العبقري: الزرابي). وقال مجاهد: (العبقري: الديباج). وقال الحسن: (هي بُسط أهل الجنة). وقال أبو العالية: (العبقري: الطنافس المُخْمَلَة، إلى الرّقة ما هي! ). وقال القُتَيبي: (كل ثوب مُوَشَّى عند العرب عبقري). وقال أبو عُبيدة: (هو منسوب إلى أرض يُعمل بها الوشي). وقال الخليل بن أحمد: (كُلّ شيء نفيس من الرِّجال وغير ذلك يسمّى عند العرب عبقريًا). وقال ابن الأنباري: (إن الأصل فيه أن عَبْقَر قرية يسكنها الجنّ ينسب إليها كل فائق جليل).
وفي الصحيحين -نحو ذلك- من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصف عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: [فأخذها ابنُ الخطاب، فَلَمْ أرَ عَبْقريًا من الناس ينزعُ نَزْعَ عمر] (٢).
وفي رواية: [ثم أخذها عمر بن الخطاب من يد أبي بكر فاستحالت في يده غَرْبًا، قلم أرَ عبقريًا من الناس يفرِي فَرْيَهُ]. قال أبو عمرو بن العلاء: (أي: رئيس قوم وجليلهم).
والخلاصة: أن أهل الجنة يتكئون على فرش ووسائد ناعمة، وبُسط منقوشة بديعة.
وقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. أي: فبأي نعم اللَّه -معشر الجن والإنس- من إغداقه ذلك النعيم والرخاء والزينة والنعومة في العيش لأهل كرامته في جنات الخلود تكذبان!
وقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾.
أي: تبارك اسم ربك -يا محمد- ذي العظمة والكبرياء، والتفضل بالآلاء.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٦٦٤)، (٧٠٢٢)، ومسلم (٢٣٩٢)، وأحمد (٢/ ٣٦٨).