أحدهما ويقصر الآخر. قال إبراهيم: (﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾: دخول الليل في النهار، ودخول النهار في الليل). وقال عكرمة: (قصر هذا في طول هذا، وطول هذا في قصر هذا). وقال الأعمش عن إبراهيم: (قصر أيام الشتاء في طول ليله، وقصر ليل الصيف في طول نهاره).
وقوله: ﴿وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ هو. أي: وهو ذو علم بسرائر عباده وما تضمره صدورهم، وما تحدثهم به أنفسهم من خير أو شر، فلا يخفى عليه خافية.
٧ - ١١. قوله تعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٩) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)﴾.
في هذه الآيات: دعوة اللَّه عباده للإيمان به والإنفاق في سبيله، فهو الذي ينزل على عبده الآيات البينات ليخرج العباد من الظلمات إلى النور بأذنه. وبيان الفرق في الأجر بين من آمن وأنفق من بعد الفتح وبين من سبق إلى البذل والإيمان، ومضى مبكرًا في سبيل أهل الدرجات والإحسان.
فقوله: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: آمنوا باللَّه أيها الناس، فأقرّوا بوحدانيته وبرسوله محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فصدقوه فيما جاءكم به من عند اللَّه واتبعوه).
وقوله: ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾. حثٌّ على الإنفاق في سبيل اللَّه، الذي هو من الدلائل على صدق الإيمان، ويشمل ذلك القربات إضافة إلى الزكوات.
قال الحسن: (﴿مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ بوراثتكم إياه عمن كان قبلكم). قال القرطبي: (وهذا يدل على أنها ليست بأموالكم في الحقيقة، وما أنتم فيها إلا بمنزلة النوّاب