والوكلاء، فاغتنموا الفرصة فيها بإقامة الحق قبل أن تزال عنكم إلى من بعدكم).
وفى صحيح مسلم عن مطرِّفٍ، عن أبيه قال: [أتَيتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يقرأ: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ قال: يقول ابنُ آدم: مالي، مالي. قال: وهَلْ لكَ، يا ابْنَ آدمَ! مِن مالِكَ إلا ما أكَلْتَ فأفْنَيْتَ، أو لَبِسْتَ فأبْلَيْتَ، أو تَصدَّقْتَ فأمْضَيْتَ] (١).
وقوله: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾. ترغيب بالإيمان وحثّ على الإنفاق لما يعقب ذلك من الثواب الجزيل.
وقوله: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ﴾. قال ابن كثير: (أي: وأيُّ شيءٍ يمنعكم الإيمان والرسولُ بين أظهركم، يدعوكم إلى ذلك، ويبيّن لكم الحُجَج والبراهين على صحّةِ ما جاءكم به؟ ).
والآية فيها حالان متداخلان: الأول - حال من معنى الفعل في ﴿وَمَا لَكُمْ﴾ والتقدير: وما لكم كافرين باللَّه. الثاني - واو الحال في قوله: ﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ﴾ فيكون المعنى. وأيّ عذر لكم في ألا تؤمنوا وقد أزيحت العلل ببلاغ الرسول. قال القرطبي: (﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ﴾ بيَّن بهذا أنه لا حكم قبل ورود الشرائع).
أخرج أحمد وأبو يعلى بسند حسن عن ابن مُحَيْريز قال: قلت لأبي جمعة: حَدّثنا حديثًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: نعم. أحدّثك حديثًا جيّدًا: [تَغَذَّينا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعنا أبو عبيدة بن الجَرّاح، فقال: يا رسول اللَّه، هل أحدٌ خيرٌ منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك. قال: نعم، قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني] (٢).
وله شاهد رواه الحسن بن عرفة العبدي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال: [قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أى الخَلْق أعجبُ إليكم إيمانًا؟ قالوا: الملائكة. قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ قالوا: فالنبيون. قال: وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ قالوا: فنحن. قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ قال: فقال
(٢) حسن الإسناد. أخرجه أحمد (٤/ ١٠٦)، وأبو يعلى (١٥٥٩)، والطبرانى (٣٥٣٧)، وصححه الحاكم (٦٩٩٢/ ٤)، وكذا الذهبي. وله شواهد.