عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)}.
في هذه الآيات: إذلالُ اللَّه الذين يناصبونه ورسوله العداء ومكرهُ تعالى بهم، وإحصاؤه جميع أقوالهم وأعمالهم ليظهرها يوم الحشر لهم، فهو سبحانه يعلم السر وأخفى، ويعلم ما يكون في النجوى، ثم يُنَبِّئ عباده يوم القيامة بما عملوا، وهو بكل شيء عليم.
فقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾. قال قتادة: (يقول: يعادون اللَّه ورسوله). وأصل المحادّة الممانعة، ومنه الحديد. قال الزجاج: (المحادّة أن تكون في حدّ يخالف حدّ صاحبك). والمقصود: توعّدٌ من اللَّه للمعاندين شرعه المحادين المخالفين لرسله، الممانعين علوّ دينه في الأرض.
وقوله: ﴿كُبِتُوا﴾. قال أبو عبيدة والأخفش: (أهلكوا). وقال قتادة: (أُخزوا كما أخزي الذين من قبلهم). وقال ابن زيد: (عذبوا). وقال السدي: (لعنوا). قلت: وأصل الكبت الصرف والإذلال. والعرب تقول: كبت اللَّه العدو أي صرفه وأذَلّه. وَكَبَتَه لوجهه: أي صَرَعَه.
وقوله: ﴿كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾.
أي: أهينوا وَأُخْزُوا ولعنوا وذلّوا كما فعل بمن أشْبهَهُم من قبلهم.
وقوله: ﴿وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾. قال ابن جرير: (يقول: وقد أنزلنا دلالات مفصلات، وعلامات محكمات تدلّ على حقائق حدود اللَّه).
وقوله: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾. أي: وللجاحدين آيات اللَّه البينات التي أنزلها اللَّه على رسوله، والمستكبرين عن طاعته عذاب موجع يوم القيامة في نار جهنم.
وقوله: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾. أي: يوم يجمع اللَّه الأولين والآخرين في صعيد واحد فينبئهم بما صنعوا من خير أو شر.