الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما وَرَّثُوا العلم، فَمَنْ أخذَهُ أخذ بِحظٍّ وافر] (١).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود بسند صحيح عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [نَضَّرَ اللَّه امرأً سمِعَ منا حديثًا فحفظه حتى يُبَلِّغَه، فرُبَّ حامل فقه إلى مَنْ هو أفْقَهُ منه، وربَّ حامل فِقْهٍ ليس بفقيه] (٢).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير﴾. أي: خبير بمراتب عباده ومنازل أعمالهم، وقد وسع علمه كل شيء.
١٢ - ١٣. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٣)﴾.
في هذه الآيات: الأَمْرُ بتقدم النجوى للرسول بالصدقات، ثم نَسْخُ ذلك والأمر بالتوبة وإقامة الصلوات، وإيتاء الزكاة وطاعة اللَّه ورسوله وفعل الخيرات.
فقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾.
أَمْرٌ من اللَّه تعالى عبادَه المؤمنين إذا أراد أحدهم مناجاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومساررته بأمر أن يقدّمَ بين يدي ذلك صدقة تطهره وتزكيه وتؤهله لهذا المقام، ثم نسخ ذلك. قال قتادة: (إنها منسوخة). وقال ابن عباس: (كان المسلمون يقدّمون بين يدي النجوى صدقة، فلما نزلت الزكاةُ نُسِخَ هذا).
وقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ﴾ أي: خير لكم عند اللَّه وأطهر لقلوبكم من المآثم.
وقوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. قال قتادة: (سأل الناس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أحفوه بالمسألة، فوعظهم اللَّه بهذه الآية، وكان الرجل تكون له الحاجة إلى نبيّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يستطيع أن يقضيها حتى يقدّم بين يديه صدقة، فاشتد ذلك عليهم، فأنزل اللَّه عزَّ وجل الرخصة بعد ذلك ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - (٣٦٦٠) - كتاب العلم، باب فضل نشر العلم.