قال: ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: يامينُ بن عُمير، وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما فأحْرزاها).
وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾. قال القرطبي: (﴿ذَلِكَ﴾ أي ذلك الجلاء ﴿بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ﴾ أي عادوه وخالفوا أمره). وقال القاسمي: ﴿ذَلِكَ﴾ أي الجلاء والعذاب ﴿بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا﴾ أي خالفوا ﴿اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ أي فيما نهاهم عنه من الفساد، ونقض الميثاق).
وقوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. أي له في الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾.
قال مجاهد: (نهى بعض المهاجرين بعضًا عن قطع النخل، وقالوا: إنما هي مغانم المسلمين، ونزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه من الإثم، وإنما قطعه وتركه بإذنه).
وفي الصحيحين عن نافع عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال: [حرق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نخل بني النضير وقطع، وهي البُوَيْرَة (١) فنزلت: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾] (٢).
وفي جامع الترمذي وسنن النسائي بسند حسن عن ابن عباس: [في قول اللَّه عز وجل: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا﴾ قال: اللينة (٣): النخلة، ﴿وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾ قال: استنزلوهم من حصونهم. قال: وأُمِروا بقطع النخل فحكّ في صدروهم، فقالوا: قد قطعنا بعضًا وتركنا بعضًا، ولنسألن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هل لنا فيما قطعنا من أجر، وهل علينا فيما تركنا من وزر، فأنزل اللَّه: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا﴾] (٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٠٣١)، كتاب المغازي، وأخرجه مسلم (١٧٤٦) ح (٢٩).
(٣) قال الأخفش: إنما سميت لينة اشتقاقًا من اللَّون لا من اللين. قيل: وأصلها لونة. وقيل: بل أصلها لينة من لانَ يلينُ. وقيل هي النخلة القريبة من الأرض. واللَّه أعلم.
(٤) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٣٠٣)، والنسائي في "التفسير" (٥٩٤) بسند صحيح.