كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١٢) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٣) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧)}.
في هذه الآيات: إخبار اللَّه تعالى عن المنافقين كعبد اللَّه بن أبي بن سلول ورافعة بن تابوت ووديعة ومالك ابني نوفل وسُويد وداعس وغيرهم حين بعثوا إلى يهود بني النضير يعدونهم النصر وبذل الغالي والنفيس لنصرتهم على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، وهم في ذلك كاذبون، بل هم عند البأس جبناء أذلاء صاغرون، يفرون إذا حمي الوطيس فشأنهم في تحريضهم شأن الوسواس من الشيطان الرجيم.
فعن ابن عباس: (قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا﴾ يعني عبد اللَّه بن أبي بن سلول وأصحابه، ومن كان منهم على مثل أمرهم. ﴿يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ يعني: بني النضير).
وقوله: ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ﴾. أي يقولون لهم: لئن أخرجتم من دياركم ومنازلكم، وأجليتم عنها لنخرجنّ معكم، فنجلي عن منازلنا وديارنا معكم.
وقوله: ﴿وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا﴾. قال ابن جرير: (يقول: ولا نطيع أحدًا سألنا خذلانكم، وترك نصرتكم، ولكنا نكون معكم).
وقوله: ﴿وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ﴾. أي: وإن قاتلكم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه لنكونن لكم بالعون والنصر والتأييد.